بقلم/ هند الارياني
كنا صغاراً نلعب في حديقة بيت خالتي او كما نسميه في اليمن"الحوش"... بنات وصبيان لا فرق...تربينا مع بعضنا...نتسابق نلعب نضحك...احيانا نتعارك...نشاهد التلفاز...نبكي في آخر حلقة من المسلسل الكارتوني الرائع"أوسكار" حزنا على موت اندريه"اعتقد ان هذا كان اسمه"... نكبر قليلا...نستذكر دروسنا معاً ...عندما نتعارك نهدد بعضنا بأننا سنبلغ المعلمة فنصرخ بفرح"عداقول للأبلة"...ندبر لبعضنا المقالب ...نضحك بملئ قلوبنا...
انا و ابنة خالتي واقفتان امام شباك البيت... نتطلع للحديقة التي يلعب فيها ابناء خالتي و اصدقائهم..هذه الحديقة كنا نلعب ونجري فيها...هؤلاء من كانوا اصدقائنا في يوم من الايام..هؤلاء من كنا نلعب معهم..ماذا حدث؟ لماذا نسجن نحن داخل البيوت بينما هم يلعبون الطابه بكل حرية..ماذا فعلنا؟ كبرنا؟ تغيرت اجسادنا؟ اصبحنا "فتنه" يجب ان تغطي ولا يراها احد! اليسوا هؤلاء من يعرفونا منذ الطفولة..ماذا تغير..لماذا اصبحنا غرباء..لماذا اهرب و اختبئ عند سماعي لصوت احدهم الأجش ..هل لأن صوته تغير لذلك لم يعد صديقي؟ هل يجب علينا ان لا نتحدث مع بعض بنفس الطريقة التي كنا نتحدث بها البارحة...اصبحنا نشعر بالخجل و التوتر لو صادف وجلسنا نتحدث..توقفنا عن اللعب واصبحت انا وبنت خالتي نقضي يومنا في مشاهدة المسلسلات المكسيكسيه وكأننا في الخمسينات من عمرنا..
و مرت الأيام
انا في المدرسة..نتعلم عن ما يجب ان تغطية المرأة..شعرها فتنة..حواجبها فتنة..تذكرت المغني المشهور الذي احبه..عيونه جميلة ايضا و شعره جميل..لماذا لا يتغطى؟ سألت نفسي هذا السؤال و لم أجد الإجابه ..تذكرت اني حُرمت من اللعب في الحديقه لأني اصبحت بالغه و لم يحرم من متعة اللعب اصدقائي الصبيان...اليسوا بالغين مثلنا؟...لماذا اذا لا يحبسوا بالبيت؟ ايضا لم أجد إجابه...
و مرت الأيام
اسمعها دائما..المرأة جوهرة يجب ان تغطى..و احيانا يقال..المرأة مثل الحلوى اذا فتحت يتكاثر عليها الذباب..افتح التلفاز لأرى ذلك المغني يحرك شعره الناعم ويستعرض جماله ..ذراعه مكشوفة...صدره مكشوف.... هذه الفتنه لماذا لا تغطى ؟ لماذا لا يحبس هذا الرجل بالبيت؟ لماذا يفتن النساء؟ سيرد البعض بأن على المرأة ان تغض بصرها..اليس على الرجل ايضا ان يغض بصره... اليس هذا ما علمونا إياه؟ فلماذا لا اخرج مثلي مثله ويغض هو بصره؟..لم أجد الإجابة...وتمر الأيام
انا في الجامعة ...اراهم يوزعون كتيبات دينية..عورة المرأة...شعر المرأة... قدم المرأة..عيونها فتنه لذلك عليها ان تغطي عيناُ واحده و تظهر الثانية..العينين معأ فتنة..احلف بالله هذا ما قرأته في الكتيب" الذي كتب عليه انه اصدر في السعودية"..و كأن الحياة لم يعد فيها شيء غير المرأة وعورتها وفتنتها...فقررت ان اراقب نظرات الرجال..اريد ان اعرف من هي التي ستلفت نظره لأعرف من هي الفتنه...تمشي من تلبس عبائه ضيقه فيتطلع..اها!.. وجدتها هذه البنت هي الفتنه...استمر في المراقبة..تمشي بنت عبائتها واسعه ولكن وجهها مكشوف..ارى الشاب لايزال يتطلع ..اها!... اذا هذه ايضا فتنه ! تمر الثالثة... منقبه و مغطيه من رأسها الى اخمص قدميها...لازال الشاب يتطلع! هه؟!لا افهم ...مالفتنه في اللباس الأسود؟لا عيون ...لا يد... لا قدم...على ماذا يتطلع هذا الرجل؟!!
وقتها تبين لي ان اللبس ليس له علاقة و ان الرجل البصباص"اللي عينيه فارغه كما يقول المصريين" يتطلع بكل الأحوال..و لكنه بأكتافه العريضة و شعره و شفايفه و انفه لا يعتبر فتنه حتى لو كان ملفت لنظر جميع نساء الارض..هو رجل...ليس من المفترض ان يختبئ في داره..لم يقل له أحد انه جوهره...
وقتها تمنيت لو لم اكن جوهره..تمنيت ان اكون رجلاً حراً ..
ومرت الأيام...
انا في إحدى دول الغرب...تمر من حولي النساء..هذة تلبس البنطال...هذه تلبس تنورة قصيرة..تلك تلبس الشورت...يمشي الرجال بجانب النساء..غريب..لا أحد يتطلع...لماذا لا ارى نظرات الرجال التي كنت اراها في بلادي..تلك النظرات التي تعري المرأة ..تلك النظرات التي اكرهها واتمنى لو لم اكن في هذه الأرض بسببها...اتمنى لو لم اخلق امرأة...تلك النظرات التي تحرمني من انسانيتي..لماذا لا اراها هنا مع ان كل النساء "متبرجات"؟..لماذا لا اراها..مع ان كل النساء فاتنات...رأيت احداهن تضحك و تركض...تذكرت اني حُرمت من الركض عندما اصبحت في سن البلوغ..تذكرت نافذة بيت خالتي...تذكرت اني فتنه يجب ان تغطى...تذكرت ان الرجل في بلادي حر..واني أسيرة...تذكرت ان الرجل في بلادي يلبس الأبيض وانا اتشح بالسواد..سألت نفسي لماذا لا يتشح الرجال بالسواد...سألت نفسي لماذا لا يتنقب الرجال...و لم اجد الإجابة..
و تمر الايام ...
غريبة ما في ولا تعليق مع ان المقال جداً رائع ,, سلمت أناملك ,, في بلدان الغرب تتساوي حقوق وواجبات الجنسين فلا يوجد اي فرق بين الذكر والانثى سوى الجسم,, اما بالنسبة لنا فديننا الاسلامي قد فرق ما بين الجنسين سواء من خلال الحقوق او الواجبات ,, أما العادات والتقاليد خاصة اليمنية والخليجية فقد زادت هذا البعد والفرق فاصبحنا مختلفين تماماً عن جنس الذكور ..
ReplyDeleteالسلام وعليكم ! مقال رائع وهذا ليس بوحدك من يقول هذا الكلام بل كل نساء الارض عن أن الرجل لدية الحرية المطلقة فلو أخذتي تفكرين في أن علىالمرأة أن تتساوى مع الرجل فعقلك سيشكو من التفكير !وهاذة مرحلة تمرين بها فعندما تكبرين في السن سيكون الامر طبيعي بلنسبة لكي ! الحياة حلوة بس نفهمها ! ويجب عليك أن تعرفي إن خالق الكون أراد أن نكون هاكذا !فانصحك أن لا تشغلي بالك في الأمر ولكي تقنعين ان الرجال قوامين على النساء فيجب ان تدرسي عن الموضوع وأما عن العيون الزايغة فكل الرجال عيونهم زي بعض اللهما بس فية عيون ملت من البصبصة وعيون لسي ياعيني مالحقة وهذا هو الفرق بين الشرقي و الغربي ! واحمدي ربك انك مسلمة ويجب عليك أن تفتخري بدينك! الا بذكر الله تطمئن القلوب
ReplyDeleteانا اسفة جدا اني لم اقرأ هذا المقال من قبل منتهه الروعة ايقضتي في كل تلك الاسألة التي كانت تحيرني دائما حتى اني سألت احد قادة شباب الحزب الذي كنت انتمي اليه في صنعاء عندما سألني لماذا لا تتحشمين وانا كنت البس تنورة طويلة وقميص حتى الاكمام واغطي شعري فسالته بدوري لماذا لا يتحشم الشباب من لبس البناطيل الضيقة فهي فتنة فنضر الي وكأني سفيهه وارتكبت جريمة نكرا وقال كيف تسمحين لنفسك بالتفكير بهذه الطريقة ونسي انهم يكادوا يغتصبوا النساء في الشوارع بنضراتهم القذرة والفاضهم البذيئة
ReplyDeleteاشكرك اختي عل هذا المقال الرائع